(أَثَرُ كُتُبُ مَعانِي القُرآنِ وَإعرابِهِ في المُحكَمِ وَالمُحيطِ الأَعظَمِ لأبن سيده) أطروحة دكتوراه في كلية التربية للعلوم الانسانية
(أَثَرُ كُتُبُ مَعانِي القُرآنِ وَإعرابِهِ في المُحكَمِ وَالمُحيطِ الأَعظَمِ لأبن سيده) أطروحة دكتوراه في كلية التربية للعلوم الانسانية
نوقشت في كلية التربية للعلوم الانسانية اطروحة طالب دكتوراه ( هيرش عبدالله لطف الله ) والموسومة (أثر كتب معاني القرآن وأعرابه في المحكم والمحيط الأعظم لأبن سيده(ت 458) ، على قاعة العلامة مصطفى جواد .
وتألفت لجنة المناقشة من الاستاذ الدكتور (عبد الحسين علك مبارك ) من جامعة البصرة رئيسا ، وعضوية كل من الاستاذ الدكتور (ليث اسعد عبد الحميد ) ،والاستاذ المساعد الدكتور ( عبد الكريم شديد محمد ) ، والأستاذ المساعد الدكتور ( وليد نهاد عباس ) ، والأستاذ المساعد الدكتور (حسين ابراهيم مبارك ) من جامعة ديالى والأستاذ المساعد الدكتور ( نصيف جاسم محمد الخفاجي ) عضوا ومشرفا من جامعة ديالى .
وبعد المناقشة اجيزت اطروحة الطالب (هيرش عبدالله لطف الله ) بتقدير جيد جدا عال (87 ) .
وعد الباحث كُتُبُ مَعانِي القُرآنِ وَإِعرابِهِ مِنَ المَصادِرِ المُهِمَّةِ وَ الرَّئِيسَةِ لِمُعجَماتِ اللُّغَةِ، فَهِي تَرفَدُ المُعجَماتِ بِالدِّلالاتِ السِّياقيَّةِ لِلمُفرَداتِ القُرآنِيَّةِ . اذ يَمْتَلِكُ ابنُ سِيدَه عَقلِيَّةً لُغَويَّةً بارِعَةً أَهَّلَتْهُ لأَنْ يَبْرُزَ بَينَ أَقرانِهِ في الأَندُلُس، فَقَدْ كانَ إماماً في اللُّغَةِ وَ العَرَبيَّةِ في زَمانِهِ، وَلَعَلَّ كِتابَيهِ (المُحكَم وَ المُحيطِ الأعظَمُ) وَ (المُخَصَّصُ) خَيرُ ما يُمثِّلُ هذِهِ العَقلِيَّة اللُّغَويَّة الثّرَّةِ .
ويرمي الباحث في اطروحته الى الوُقُوف على مَعانِي الكَلِماتِ القُرآنِيَّةِ في (المُحكَمِ)، وَ الرَّبطُ بَينَ هذِهِ المَعانِي مِنْ خَلالِ المُوازنَةِ بَينَ الدِّلالَةِ الوارِدَةِ في المُعجَمِ والوارِدَةِ في كُتُبِ مَعانِي القُرآن وَإعرابِهِ وَبَيانِ الفَرقِ ـ إنْ وُجِدَ ، وتَجمَعُ هذِهِ الدِّراسَةُ بَينَ عِلْمِ مَعانِي القُرآنِ وَإعرابِهِ، وَالمُعجَمِ، وَهذا الرَّبطُ والجَمْعُ يَهدِفُ إلى الكَشْفِ عَنِ الأَثَرِ لِكُتُبِ المَعانِي في المُعجَمِ مِنْ خِلالِ دِراسَةٍ تَطبِيقيَّةٍ على مُعجَمِ (المُحكَمِ)., بيانُ ما لابنِ سِيدَه، مِمّا لِغَيرِهِ، فِيما نَقَلَهُ، إِذْ سَكَتَ عَنْ كَثيرٍ مِمّا نَقَلَهُ، وَأخَذَهُ مِنَ المُصَّنفات، وَكَأَنَّهُ مِن كَلامِهِ! وَ ذلِكَ بِعَرضِ أَقوالِهِ، وَآرائِهِ على المُصَّنفاتِ الّتي استَقَى مِنها مُعَظَمَ مادَّتِهِ ـ دُونَ إِشارَةٍ ـ لا سِيَّما كُتُب المَعانِي، حَيثُ نَرَى خَلْطاً بَينَ الأَقوالِ الّذي لا يَنفَكُّ إلا بِمُراجَعَةٍ دَقيقَةٍ لِتِلكَ الكُتُبِ.وسعى الباحث ايضا الى الكَشْفُ عَنْ أَثَرِ كُتُبِ المَعانِي في تَوجيهاتِ ابنِ سَيدَه لِلمُفرَدَةِ اللُّغَويّةِ ـ قُرآنِيَّةً كانَتِ المُفرَدَةُ، أَمْ غَيرَ قُرآنِيَّةٍ ـ في جَميعِ مُستَوَياتِ اللُّغَويَّةِ،
واحتوت الاطروحة على اَربَعَةُ فصول مُوزَّعَةٌ على المُستَوياتِ اللُّغَويَّةِ الأَربَعَةِ الفَصلُ الأَوَّلُ: خَصَّصْ لِلظَّواهِرِ الصَّوتِيَّةِ، (تَحليلُ الظّواهِرُ اللُّغَويَّة صَوتِيَّاً) تَعرَّضتُ فِيهِ الباحث الى (الهَمْزُ، وَالإِبدالُ اللُّغَوي، وَالإِتباعُ والمُناسَبَةُ الصَوتِيَّةُ) .فالمَبحَثُ الأَوّلُ (الهَمْزُ) تناول قِدَمِ الظَّاهِرَةِ في نُطقِ بَعض القَبائِلِ العَرَبيَّةِ، وَأشهَر القَبائِلِ النَّاطِقَةِ بِهِ، وَعِلَّةِ تَسمِيَّتِها بِهذا اللَّقَبِ، وَتَناوُل ابن سِيدَه في (المُحكَمِ) لِمُعْظَمِ القَضايا الَّتي تَتَّصِلُ بالظَّاهِرَةِ وَأَحوالِها. وَجاءَ المَبحَثُ الثانِي (الإِبدالُ اللُّغَويُّ ـ السَّماعي) .وَأَمّا المَبحَثُ الأخيرُ فكان عن (الإِتباعُ وَالمُناسَبَةُ الصَّوتيَّةُ) وَأثرِ الحَرَكَةِ في أداءِ النُّطقِ، وَتَفاعُلِها مَعَ الأصوات المُجاوْرَةِ لَها، واختِلافِ نَظرَةِ العُلماءِ في وُقُوعِهِ.
اما الفصل الثاني فقد تناول (تَحلِيل الظّواهِرِ الصَّوتِيَّةِ في بِنيَةِ الكلمةِ)، و أَبرَزِ المَسائِلِ الصَّرفيةِ، وَعُمدَةِ مَسائِلِها، ذي الاتصال الشَّديدِ بِعلمِ الصَرفِ، وهي: زِيادَةُ الحُرُوفِ، وَالاشتِقاقِ اللُّغَوي، وَالحَذفِ الصَّرفِيِّ، في ثَلاثَةِ مَباحِثٍ ،أَمّا المَبحَثُ الأَوّلُ فقد تناول عِدَّةِ الحُرُوفِ الزّوائِدِ، وَأقسامِها، وَأَغراضِها، وَأَدِلَّةِ الزِّيادَةِ، وَمَواضِعِها، وَ مَنهَجِ ابن سيدَه في تناول الظّاهِرَةِ وَمَدَى إفادَتِهِ مِن تَوجيهاتِ أصحابِ المعانِي في الظاهِرَةِ، فضلا عن دراسة جُملَةٍ مِنَ الحُرُوفِ الزّوائِدِ، الّتي تابَعَ ابنُ سِيدَه في تَوجيهِها، وَ تَحلِيلِها مَسْلَكَ أصحابِ المعاني .وَأمّا المَبحَثُ الثاني، فتناول الحَديثَ عَن الصِّلَةِ الوَثيقَةِ بَينَ الاشتقاق وَالقياس اللُّغَوي، وَالتَعرُّفِ بالمُصطَلَحِ، وَاختِلافِ العُلَماءِ في وُقُوعِهِ، وَشُرُوطِهِ، وَمَنهَجِ ابنِ سِيدَه في معالَجَةِ الظّاهِرَةِ. وَأَمّا المَبْحَثُ الأَخيرُ، فقد ركز الباحث على وَعِدَّةُ الحُرُوفِ الّتي تُزادُ، والمُصطَلَحاتُ الدالَّةِ عَليها عِندَ ابنِ سِيدَه .
وَعَنِ الفَصْلِ الثَّالثِ، فَقَدْ خُصِّصَ للدِّراسَةِ النَّحويَّةِ (تَحلِيل المَباحِثِ النَّحويَّةِ)، وَوَقَف فيِهِ الباحث على أَبرَزِ الظَّواهِرِ النَّحويَّةِ الوارِدَةِ في (المُحكَم)، وَالّتي تتمثَّلُ في: (المُصطَلَحِ النَّحوي، وَالتّأْويلِ النّحوي، وَالخِلافِ النَّحوي وَالأعارِيبِ) . فالمَبحَثُ الأَولُ تَضَمَّنَ استِعمالَ ابن سيدَه لِجُملَةٍ صالِحَةٍ مِنَ المُصطلَحاتِ النَّحويَّةِ، الّتي تَعكِسُ مَذْهَبَ ابن سِيدَه التَّوفيقي بَينَ المَدرَسَتينِ ـ البَصرِيَّةِ وَ الكُوفيَّةِ ـ إِذْ كانَتِ المُصطَلَحاتُ صَدَىً لِما رَدَّدَها أصحابُ المَعانِي الأربَعَةِ، الَّذينَ انقَسَمُوا على المَدرَسَتينِ.وَأَمّا المَبحَثُ الثَّانِي فقد تَكَفَّلَ بِدراسَةِ التَّأويلِ النَّحوي. وَأَمّا المَبحَثُ الثَّالِثُ، فقد بين الباحث فيه مكانةَ الخِلاف النَّحوي في النَّحوِي العَربيّ، وَمَنهَجِ ابنِ سِيدَه مِنْ قَضايا الخِلافِ النَّحوي.
أَمّا الفَصْلُ الرَّابِعِ وَالأَخيرِ، فقد حمِلُ عِنوانَ: (أَقوالُ ابنُ سِيدَه في مَعانِي القرآنِ) .
وتوصلت الاطروحه الى جملة من النَّتائِجِ كان من اهمها ان الدراسة أَوضحتِ صِلَةَ ابنِ سيدَه بتراثِ معاني القرآن وإعرابهِ، وَغَزارة ما نَقلهُ عنها، وَما يمكنُ القَولُ بتجريد كتاب معاني القرآن وإعرابه مِنَ (المُحكم). كما أَظهَرَتِ الدِّراسةُ تَزاحُم مُستويات اللّغةِ كلِّها في صِناعة (المحكم)، إِذ لَم يكُن خالِصاً لما عُقدَ لهُ: وهو بيانُ أصول الألفاظ واشتِقاقِها وَدلالاتِها، واستِعمالاتها في كلامِ العرَبِ.
وتوصلت الدِّراسةُ الى أنَّ هَدَفَ ابن سيدَه في بناءِ (المحكم) هو الرّبطُ بَينَ اللُّغةِ وَ القرآنِ الكريمِ، وَذلكَ بتَخطِّيهِ النَّظَرَ في الدّلالاتِ المعجميَّةِ للمفرَداتِ القرآنيةِ، وَالاتِجاه صَوبَ معاني الآياتِ،. وَالغاياتِ، وَالمَرامِي الكامنةِ وَراءَها وبَيَّنتِ الدِّراسَةُ تَركيزَ ابن سِيدَه على أَقوالِ الزَّجاجِ وآراءِ ـ في مُعَظِمِ المَسائِل الوارِدَةِ ـ لِما اتَّسَمَت بالاجتِهادِ وَمخالفَتِهِ لأئِمَةِ اللَّغَةِ، لأَنَّها تَتّفِقُ وأسلوبُ ابن سِيدَه القائِم على المُناظرَةِ لأَكثَرَ مِن قَولٍ في بَعضِ المسائِلِ، فَيَرُدّ عَليهِم بَأَقوالِ الزَّجاجِ.
كَشَفَتِ الدِّراسَةُ أَنَّ ابنَ سِيدَه نَسَبَ لِنَفسِهِ تَوجيهات كَثيرَةً مِن أَقوالِ الزَّجاج، وَتَوجيهاتِهِ، وَعَرَضَها بِوَصفِها آراؤُهُ هُوَ، ثُمَّ ألحَقَ بِها مُباشَرَةً نصُوصاً، أَشارَ إلى أَنَّها للزَّجاجِ، وَبِهذا بَدا الرَّأيُ العلميُّ مُشتَركاً بَينَ ابنَ سِيدَه وَالزَّجاج .