
تدريسي من كلية التربية للعلوم الإنسانية ينشر دراسة بمجلة المانية في ذكرى الإبادة الجماعيّة للمكوّن الأيزيدي ( شينوار إبراهيم: عائدٌ من الموت )
تدريسي من كلية التربية للعلوم الإنسانية ينشر دراسة بمجلة المانية في ذكرى الإبادة الجماعيّة للمكوّن الأيزيدي ( شينوار إبراهيم: عائدٌ من الموت ) نشر التدريسي من قسم اللغة العربية في كلية التربية للعلوم الإنسانية بجامعة ديالى الاستاذ الدكتور إياد عبد الودود الحمداني ، دراسة في مجلة معارج الفكر الصادرة في العاصمة الألمانية برلين في ذكرى الإبادة الجماعيّة للمكوّن الأيزيدي والموسومة بـ ( شينوار إبراهيم: عائدٌ من الموت ) . وجاء في الدراسة ان شينوار إبراهيم لم يكن اسمًا عابرًا بل مثقّفًا وأديبًا يكتب الشعر والقصّة بإحساسٍ واحد يبحث في الفضيلة، فهو يسألُ ويحاور ، يُتَرجمُ من الكرديّة والعربية إلى الألمانيّةِ، والعكسُ حاصل، يضَعُ بصماتٍ إنسانيّةً في نسجٍ أسلوبيٍّ سلس، يُقيمُ وزنًا للمُفرَدَة، يكتبُ بطعمِ الإنسان الحرّ الكريم. إنّهُ يُجيدُ العربيّة ويتصرّفُ بأساليبِها، مثلما يجيد الكرديّة والألمانيّة ويتسلّقُ أوديَتِها ومباهجَها ، شينوار الشاعر يبحث في كلّ الأمكنة عن نسمة الإنسانيّة وعظمتِها، يشعرُ بالأرضِ والماءِ والخبزِ والعافيةِ، يعتصِرُهُ ألمُ المظلومين. أوضحت الدراسة ان (شنگال) كانت قضيّة الشاعر منذ أن وقعَت فضائعُ مجرمي داعش، والإبادة التي حَصَلَتْ على المكوّن الأيزيدي سنة ٢٠١٤ ، ولا سيّما ما حَصَلَ في ٣ / ٨ / ٢٠١٤، فنظَمَ وكَتَبَ وتفاعَلَ وصَرَخَ بقوّة ليوصِلَ صوتَ المظلومين، وهيمَنَ الحزنُ على ما كتَبَهُ لأجلِ هؤلاءِ الأيزيديين الّذين بيعَتْ أعراضُهُم، وفُقِئَت عينُ المروءةِ فرقَ أحلامِهِم، خاضت الدراسة في قصيدة كتبَها الشاعر شينوار وذابَ فيها وهي قصيدة: (العائدونَ من الموت) التي استَنَدَت إلى تقانةِ القناع Persona ، فقد أظهر الشاعرُ صوتَ القِناع وَذَوَّبَ شَخْصَهُ وإحساسَهُ فيه ، فقد تقمَّصَ شخصيّةَ الأيزيدي في نكبَتِهِ ، وتُعَدُّ هذهِ التّقانةُ مظهرًا من مظاهر الحداثةِ في الأداءِ الشعريّ، والقناع مصطلحٌ أسلوبيّ ووسيلةٌ فنيّة تخفِّفُ من الذاتيّة التي يتسّمُ بها الشعر الغنائيّ العربي، لتُعطيهِ خصّيصة قريبة من الدراما ، ولاسيّما حينَ يندَمِجُ صوتُ الشاعر بصوت القناع ، ويبدو واضحًا أنّ ذاتَ القناعِ (الأيزيدي النّاطق في ثنيّاتِ النصّ) هي المُهَيمِنَة، ممّا جَعَلَ هذا التوظيفُ ناجحًا فهو يُعَبِّرُ عن إحساسِهِ بطريقة المغايَرَة Deviation. لقد أفادت قصيدة (العائدون من الموت) من ذكر الموت بسياقات فنيّة عزَّزَت من التصويريّة ، فاقتران النصوص بذكر الموت يجعلها إلى التصويريّة أنزع ، فالقناع هو الذي يتحدّث، ويستدعي: (الجثةَ المفقودة في المقابرِ الجماعيّة، وموتَ كلّ شيء، ودفنَ القلبِ ، والصّمتَ القاتل ، والعودةَ إلى الموتِ ، وَ وجودَ الأيزيديّ مجرَّدَ رَقمٍ في سجلّ الحسابات)، كُلُّ ذلكَ يَنقلُنا إلى عوالمِ الموت الذي اكتسبَ مفهومًا شعريًّا لارتباطِهِ بالمجاز Metaphor ، إنّ المجاز أحدثَ نقلَةً في المعنى، لاقترانه بذكر الموتِ ومتعلّقاته، وإنّنا نجد المفرَدَة المُتَداوَلَة قد اكتَسَبَتْ في مقامِ ورودِها في النصّ طاقةً جديدة؛ ففي قولِهِ: (( ماتَ كلّ شيء )) نجد ذلك واضحًا، وكذا في قولِهِ: هذه الحياةُ تؤلِمُني بِصَمْتِها القاتل ، فلفظة القاتل (اسم الفاعل) في هذا السياق المقرون بالصّمت كثيرة الاستعمال ومألوفة ، قد لا تُحَقّق الشعريّة Poetics في ظاهر الأمر، لكنّها عبارة شعريّة فاعِلَة في بنية النصّ، وظهوراته التي يُهيمِنُ عليها الحزنُ وصورة الموت. إنّ قصيدة (العائدون من الموت) لشينوار إبراهيم ذات منظومة متماسِكة، ووحدة عضوية وموضوعيّة واضحة، فخاتِمَتُها تحاكي استهلالَها، وأحزاؤها يَستدعي أحدها الآخر، ومضمونها ينسج الحزنُ والمعاناة والخوف بتوظيف الصدق الفني الذي تفاعلت فيه ذات الشاعر بذات القناع Persona.