تدريسي من كلية التربية للعلوم الانسانية ينشر مقالا في صحيفة عربية
تدريسي من كلية التربية للعلوم الانسانية ينشر مقالا في صحيفة عربية
كتب / اعلام الكلية :
نشر التدريسي من قسم اللغة العربية في كلية التربية للعلوم الانسانية الاستاذ الدكتور فاضل عبود التميمي ، مقالا في صحيفة القدس العربي بعنوان ( إحسان عباس في (غربة الراعي) السيرة الذاتيّة بين العنوان والقصد ) .
واوضح الباحث إحسان عباس اختار (غربة الراعي)الصادرة عن دار الشرق : عمّان 2006عنوانا لسيرته منتزعا إيّاه من طبيعة حياته الأولى في قرية (عين غزال) الفلسطينيّة التي تقع على أحد امتدادات (جبل الكرمل) إلى الجنوب من مدينة (حيفا) على مسافة تقارب 25 كيلو مترا، وتقع بيوت القرية بين جبلين متقاربين في الارتفاع جبل الرأس العالي في الجنوب ، وجبل العرنين المتطامن في الشمال ، ، فـ (غربة الراعي)غربة إحسان عباس في المدن التي عاش فيها بعيدا عن مسقط رأسه أعني : القاهرة ، والخرطوم ، وبيروت ، وربما قليلا في عمّان .
واكد الباحث ان صفة الراعي التي أطلقها (إحسان عباس) على نفسه ولم تكن خاصّة به فقد أطلقها على صديق محبّ له، وعلى صديقة له كانا من زمن الرعي الأول:(وجدت أنّني فقدت الراعي الصديق (موسى) كما فقد ميلتون صديقه فاتّحدت الرؤية في بعض مظاهرها وكانت (نوار) تمثل لي الراعية المثاليّة)، لعلّ النص السابق يحيل على جملة من التأويلات منها: أن الراعي محب لجماعته، والتشبيه الذي عقده إحسان عباس بين حاله وحال (ميلتون) الذي فقد صديقه يكشف ذلك بالتناص مع حكاية الشاعر الإنكليزي المعروف ، وكذا حاله مع (نوار) الراعية.
وبين الباحث ان القصد من كتابة سيرة إحسان عباس كان منوطا بشعوره في(نقل جلّ التجارب التي واجهتُها بصدق ، كما أنّي لست أرمي منها إلى تبيان آرائي، ومواقفي من قضايا كبرى، أو الإجابة عن أسئلة مهمّة تعرضت لها الأمة العربية)، وهو يعتقد أن كاتب السيرة يكتبها من أجل أن يوجد رابطة ما بيننا وبينه لكي يحدّثنا عن دخائل نفسه، وتجارب حياته حديثا يلقى منّا آذانا واعية ؛لأنه يثير فينا رغبة في الكشف عن عالم يجهله، فضلا عن أنّ كتابة السيرة في النهاية تخفّف العبء على كاتبها حين ينقل تجربته إلى الآخرين فهي متنفس طلق للفنان الذي يقص فيها قصّة جديرة بأن تستعاد ، فهو في معرض تسويغ كتابة السيرة هنا كشف عن تواضع في نظرته إلى الكتابة السير ذاتيّة، صحيح أنّه لم يكن بحاجة إلى الكتابة ليظهر على رؤوس الملأ ما كان أتاه من أفعال ، أو صدع به من آراء أراد نقلها إلى الآخرين كي يفيدوا منها، ولكنّه كان بحاجة إلى مواجهة نفسه إزاء مراياها كي يكون على مسافة واحدة قريبة ممّا فعل، وهذا يعني أنّ صاحب سيرة(غربة الراعي)لم يكن متبجّحا بما أنجز، ولكن من الضروري الإشارة إلى أنّ كتابة السيرة – أي سيرة- والحال هذه مساءلة حقيقيّة للذات، وعلاقتها بما يحيطها وصولا إلى مقاربة العالم كي يسهم من خلالها في إعادة تنظيم حياة سابقة على وفق مبادئ الفن، وآليات الصوغ الإبداعي، فهو يعيد صياغة ما مُثّل على مسرح الحياة، أو يقترح تمثيلات جديدة لتلك الحياة تنسجم مع ما في حياة ما بعد السيرة من جماليّات يتمّ استنطاقها بالارتداد إلى الماضي، وتشغيل عناصره القابضة على حسّاسيّة التخيّل، وهي تلتقط عبر مجسّات متعدّدة ما يرغب سارد السيرة في تمثيله حبّا للحياة ، أو كرها لإشكالاتها ، أو نقدا لمؤسّساتها على وفق ما هو متاح من حريّة ، أو رؤية تخيّليّة تأخذ بالكلمات نحو جمال التعبير ضمن ما يسمى بالممارسة الإبداعيّة التي تكون السيرة الذاتية من غير شكّ جزءا منها.