
رسالة ماجستير في كلية التربية للعلوم الانسانية تناقش دير قنى دراسة تاريخية
رسالة ماجستير في كلية التربية للعلوم الانسانية تناقش دير قنى دراسة تاريخية
ناقشت كلية التربية للعلوم الانسانية رسالة الماجستير الموسومة بـ ( دير قنى – دراسة تاريخية ).
وتهدف الدراسة التي تقدمت بها الطالبة ( دجلة طه مصطفى خميس ) ، وأشرف عليها الاستاذ المساعد الدكتورة سماهر محي موسى ، الى تسليط الضوء على دير قنى منذ الخطوة الأولى لبنائه وانشائه وتتبعه حتى أواخر العصر العباسي (656ه/1258م)، الذي أخذ يتطور شيئا فشيئا، ويتكون وفقا للظروف التي ساعدته الى أن يصبح فيما بعد مدينة واسعة لها كيانها ومقوماتها، جعلت منها أن تصبح مدينة مرموقة يشار لها ولا سيما في العصر العباسي.
وتوصلت الدراسة الى عدة استنتاجات كان من ابرزها ان الموقع الجغرافي لدير قنى بين بغداد وواسط جعلها من الأماكن المزدهرة وخاصة من الناحية (الزراعية)، فقد كانت تقع في منطقة زراعية خصبة ضمن سهول ديالى وبين أنهار النهروان، وهذا ما جعلها من المدن المزدهرة في أنحاء العراق، وذلك لكثرة خيراتها، وبساتينها، ومزارعها، فضلاً عن ذلك قربها من نهر دجلة التي كانت تعتمد عليه في ري الزراعة ومرافق الحياة الأخرى ، وأن وجود دير قنى في الأماكن المنعزلة من الناحية الجغرافية، تعد سبباً في تحديد شكل الدير وطبيعة تخطيطه وتحصينه، وأن كثرة ملاحقه وسعته كان يعتمد على الرهبان الذين يشتغلون فيه، إذ اعتمد الرهبان في حياتهم اليومية على نظام معيشي منفرد، إذ كانوا يزاولون الزراعة والصناعة من أجل كسب رزقهم، وأيضا لسد حاجات الدير الأساسية، إضافة الى واجباتهم الدينية.
واوضحت الدراسة ان دير قنى يعد ممراً تجارياً مهماً وذلك لوقوعها على مفترق الطرق التجارية والقوافل، وأيضاً لقربها من نهر دجلة، وبهذا اكتسبت أهمية تجارية كبيرة، فضلاً عن ذلك كان فيه بيوت مخططة لراحة التجار والمارة ، وكان أيضاً ممرا ومعبرا للجيوش العباسية من أجل القضاء على الثورات في جنوب العراق وأهمها القضاء على (حركة الزنج) ، وامتازت بمناظرها الخلابة، والتي حظيت بعناية الكثير من الشعراء والوزراء الذين قاموا بزيارته ، فمدحوه في أشعارهم من أمثال البُحتري، إذ كانت دير قنى مكاناً للسمر، والقاء، والشراب، والتمتع بالطبيعة المحيطة به.
ووجدت الدراسة ان دير قنى أصبحت أحدى غرسات القديس مار ماري رسول المشرق الذي غدا مثوى لجسده، وبهذا نال مركزا ساميا، إذ أصبح محجا للمسيحيين من أجل التبرك أولاً، وأيضا كان مقبرة لجثالقة المشرق ثانيا، كما كانت هناك عادةـ وهي أن الجاثليق لا يتولى منصب الجثلقة الاَّ بعد زيارة مرقد القديس مار ماري في دير قنى، وبهذا فإن دير قنى عُد من الأماكن المقدسة عند المسيحيين الذين يقومون بزيارته وبزيارة قبور موتاهم ، وأيضاً في الأعياد إذ كان له عيداً خاصاً به، فضلاً عن الأعياد الأخرى التي كان يشترك فيها جميع النصارى مثل ( عيد الصليب).
وبينت الدراسة ان رغم الفتح الاسلامي لمْ يتعرض أهالي دير قنى بمختلف أجناسهم، أي بما يخص الرهبان أو العامة إلى أي إلى اضطهاد، بل تركوا في حرية تامة لممارسة عباداتهم مقابل أن يعطوا الجزية نتيجة للتسامح الاسلامي للنصارى، إذ اعتنق الكثير منهم الديانة الاسلامية وبالمقابل بقى منهم على ديانتهم بدون اكراه.