صحيفة بحرينية تنشر حوارا لتدريسي من كلية التربية للعلوم الانسانية … المشهد الأدبي العربيّ الحديث يزدهر ويواكب التّحولات
صحيفة بحرينية تنشر حوارا لتدريسي من كلية التربية للعلوم الانسانية … المشهد الأدبي العربيّ الحديث يزدهر ويواكب التّحولات
كتب / اعلام الكلية :
نشرت صحيفة ( أخبار الخليج ) البحرينية حوار مع التدريسي من قسم اللغة العربية الاستاذ المساعد الدكتور ( خالد علي ياس ) ، حاورته الصحفية الشاعرة سناء الحافي ، جاء فيه ان الصحيفة تستضيف كاتبا وناقد استثنائيا ، عراقي الروح حدّ القداسة… والابن البار لوطنه، امتلك براعة الكشف عن مكنونات ذاته وذاكرته اللتين تشيان بأن ما يختزنانه اكثر مما انسكب منهما، وهو انسكاب يوحي بفخامة صاحبه وقداسة حرفه بلا شك.. ففي حديثنا معه امتزج الأدب بالفلسفة والفكر ليضعنا في مسار يقودنا إلى أسئلة أخرى ليؤكد لنا أن جذوة الأدب لا يمكن أن تنطفئ في مبدع حقيقي.. وهذا لأنه ناقد اثبت رسوخ تجربته في المشهد الأدبي عربيا ، كونه متخصص في نقد السّرديات وسوسيولوجية الأدب والثقافة ، عمل عضو هيئة تحرير صحيفة (الأديب الثقافية) ، وصدر له حفيد أوروك – قراءات في أدب زيد الشهيد القصصي، جدلية النقد الرّوائي – تأملات في بنية الخطاب للدكتور عبدالإله أحمد، وكتاب سوسيولوجية النّقد القصصي العربي الحديث/مقاربة في نقد النقد
واكد في حواره ان علاقتي مع النّقد الأدبي تبدأ مع المراحل الأولية في دراستي ولا سيما الجامعية ، إذ بدأت وقتها انجذب بشكل كبير للأدب عموما وبشكل خاص لعالم السّرديات ، هذا العالم الرحب الذي ترسخ في وعيي وذائقتي مبكرا، ربما منذ تحديقي وأنا طفل بمكتبة والدي الزاخرة حينها بمختلف الروايات الغربية والعربية ، أو منذ كانت أختي الكبرى تمدني بروايات للأطفال لكي أتسلى، وقد تجدد الأمر عندما شرعت بدراسة الأدب العربي في مرحلة البكالوريوس، وقد بدأتُ فيها بكتابة القصة القصيرة جدا وما لبثتُ حتى تحولت لكتابة المقال النقدي وعرفت حينها طعم النشر في الصحافة الثقافية، لكنّ الأمر أخذ طابعا مغايرا في مرحلة الماستر ولا سيما أنني حضرت رسالتي بإشراف ناقد معني بالسّرديات هو د. شجاع مسلم العاني الذي علمني الكثير عن خفايا النّقد وصنعته، ولربما كان أول الذين تأثرت بهم بشكل مباشر غير الذين قرأت لهم ممن كتبوا في نقد القصة، وأكثرهم المفكر والنّاقد الفرنسي لوسيان غولدمان الذي حببني كثيرا بالمنهج السوسيولوجي واهم طلبته جاك لينهارت وميشيل زيرافا، ثم لاحقا السوسيولوجي والفيلسوف الفرنسي جان بودريار، ثم بعد ذلك أفدتُ كثيرا عند دراستي للدكتوراه وإطلاعي على المناهج النقدية الحديثة وتحولات الفكر فيها فلسفيا من مرحلة ما قبل الحداثة إلى مرحلة ما بعد الحداثة، وكنت حينها ألفتُ كتابي الأول عن جهود ناقد القصة العراقي الدكتور عبدالإله أحمد، فضلا عن مجموعة من الدّراسات والمقالات المنشورة في مختلف الصحف والمجلات الأدبية والنقدية في الوطن العربي وخارجه، ولعل هذا الإطلاع المختلف لمناهج ومدارس ورؤى مختلفة هو ما شكل معاييري النّقدية مع ثبات أساس معرفي أنطلق منه هو البعد السوسيولوجي.
واوضح ان – حفيد أوروك كتاب مشترك لمجموعة كتاب ونقاد وليس جهدا خاصا بي، شاركتُ به؛ لأنّه عن الرّوائي العراقي زيد الشهيد وقد جمع وحرر الدراسات النّاقد العراقي د. فاضل التميمي، لكنّ بدايتي الأولى بالكتابة النّقدية بعد المقالات والدراسات المنشورة في المجلات والصحف كما نوهت سابقا، كتابي (جدلية النّقد الرّوائي – تأملات في بنية الخطاب للدكتور عبدالإله أحمد) وآخرها (إدراك النّص – مقاربة في سوسيولوجية النّقد العربي القديم) وبينهما كان (سوسيولوجية النّقد القصصي العربي الحديث – مقاربة في نقد النّقد)، الحقيقة هذه التجربة لا أقول اختزلت بل صقلت وعيي معرفيا ليس في تحليلي النّصين الأدبي والنّقدي فقط، إنّما في إدراكي للسوسيولوجية عموما وانتقالات الفكر فيها نحو التّعبير عن ما بعد الحداثة، ولعل ذلك يمثل الإضافة الأهم للمشهد النقدي العربي، وهو التعمق بنظرية التحليل السوسيولوجي نحو مقاربات سوسيو نصية ما بعد حديثة، تفيد من نتائج الفكر الافتراضي واصطناع الخيال ومحاولات التحليلات الميتاــــ نقدية للمناهج المعاصرة.
وبين الدكتور الياس ان فتوحات الميديا والثقافة الإلكترونية بأنواعها المختلفة مهمة ومهمة جدا لكل مشتغل في مجال الإبداع، ولا سيما في ضمن التواصل الافتراضي وسرعة وسهولة الانتشار والوصول، لكن مع ذلك تبقى للكتاب لذته الخاصة، والقارئ لا يغادر هذه اللذة ليس في مجتمعاتنا فقط بل حتى في أمريكا وأروبا، اللتين ما زالتا تطبع آلاف الكتب وترصد الجوائز لأفضل كتاب وكاتب، مما يعني استمرار العلاقة المادية المباشرة لقارئهم مع الكتاب، وهنا يكمن سر القضية، تلك العلاقة الروحية والفكرية الخفيّة التي يقيمها القارئ على مختلف أنماطه مع ذلك العالم الخيالي أو المعرفي الذي بين يديه، وأنا على خلاف الكثيرين أجد أنّ (المشهد الأدبي العربيّ الحديث) بما فيه من إنتاج نصوص إبداعية ، يزدهر ويواكب التّحولات الخطيرة في ثقافتنا ومجتمعنا، وما فيهما من إرهاصات معرفية كبرى، لكن مشكلتنا الحقيقية تكمن في الكم وليس النّوع، أي أنّ ثقافتنا المعاصرة لا تخلو من نقاد وكتاب رواية وشعراء ومسرحيين على مستوى عال من الأهمية ، غير أنّهم قليلون قياسا بهذا الكم الهائل من الاسماء ممن هم حملة شهادات أكاديمية مختصة بالأدب، ومؤلفي كتب ناشرين ومثقفين وغيرهم، مما يعني وجود كم كبير من الأصوات، لكنّ نوعية هذا المنتج الثقافي لا يرتقي في كل نماذجه للطموح الكبير، مما يجعل أجيالنا المعاصرة عاجزة أحيانا عن إكمال الطريق الذي بدأ على يد النّقاد والأدباء المؤسسين لثورة معرفية حديثة.