صحيفة جزائرية تنشر مقالة نقدية لقصيدة طالب دكتوراه من كلية التربية للعلوم الإنسانية يرثي فيها الدكتورة منى شفيق
صحيفة جزائرية تنشر مقالة نقدية لقصيدة طالب دكتوراه من كلية التربية للعلوم الإنسانية يرثي فيها الدكتورة منى شفيق
نشرت جريدة (كواليس) الجزائرية في عددها الصادر الخميس 11حزيران 2020م مقالة نقدية للشاعرة والناقدة المغربية المبدعة نهى محمد الخطيب بعنوان " حين تكون القصيدة عنوان وفاء "، لقصيدة طالب الدكتوراه من قسم اللغة العربية في كلية التربية للعلوم الإنسانية بجامعة ديالى غزاي درع الطائي (نحن الذي رحلنا أنت باقيةُ) ، التي رثى فبها الأستاذ الدكتورة منى شفيق توفيق (رحمها الله وغفر لها) وجاء في المقالة ان في زمن تكالبت فيه المادّيات ، وصارت الفضائل موضة قديمة ، والتّنكّر للجميل أضحى بديلا للاعتراف به ، في زمن ذهب الوفاء (حتّى كأنّ وجوده ضرب من الأوهام كالعنقاء ) ، في هذا الزّمن نفرح كثيرا حين نصادف أناسا ولو على أثير هذا العالم الأزرق تبرهن لنا أنّها تملك قلوبا كالمصارف ، لازالت تتعامل بعملة نادرة اسمها : الوفاء ، وأنا أُنَبِّشُ على مادّة تصلح للقراءة والاستمتاع ، استوقفتني قصيدة للشّاعر العراقي الكبير ، الأستاذ الصديق غزاي درع الطّائي ، هذا الشاعر الذي يملك ناصية الكتابة ويبحر فيها بتمكّن بأساليب إبداعية فنّية ليس لها نظير ، استوقفتني قصيدته العمودية على بحر " البسيط " المُهداة لروح أستاذته في أربعينيتها بعنوان مباشر تلقائي يكشف عن حالة من الفقد التي يضجّ بها النّصّ : " نحن الذين رحلنا انت باقية "، مضمون القصيدة ذكّرني بجواب أحد العرب حين سُئِل : بأيّ شيء يُعرف الرّجل دون تجربة أو اختبار ؟ قال : بحنينه إلى وطنه ، وتلهُّفه على ما مضى من زمانه ، وتذكّره لإخوانه وخلاّنه . وأوضحت المقالة ان المعنى يجسده النّص في إطار من الوظائف الجمالية التي تبعث على تكوين انطباع ذاتي مريح ، رغم كون غرض القصيدة الأساس هو الرّثاء ، باعتباره أحد فنون الشعر العربي البارزة في العصر الجاهلي والإسلامي والعبّاسي والأموي ، وهناك آلاف القصائد في هذا اللّون التي يبكي فيها الشّعراء والشّواعر أفراد أسرهم وأقربائهم وأصدقائهم وبلدانهم أيضا ، ومن الجميل ان يحافظ شعراء من امثال غزاي درع الطّائي في أيّامنا هذه على هذا الفنّ رغم تفاوت في التصوير والرّؤية الفنّية ، ورغم الإهمال الذي طال هذا الغرض لأسباب قد يكون اهمّها طغيان المادة على الرّوح في حياتنا الاجتماعية ، وتفسّخ العلاقات ، وإصابتها البرود ، بينما كانت قديما متماسكة كالجسد المرصوص والشاعر فيها زعيم قبيلته والناطق باسمها في السّرّاء والضّرّاء ، وحتّى لا نجحف العصر الحديث حقّه ، فقد توقّف الرّثاء عند قصائد البارودي وعزيز اباظة وعبد الرّحمان صدقي … أمّا نزار قباني فقد كان رثاؤه لزوجته بلقيس بقصائد نثرية . وبينت المقالة النقدية ان مرثية الشاعر غزاي درع الطائي تعد التعبير الأسمى لطبيعة العلاقات الوجدانية الصادقة ، فهي تأبين لروح الفقيدة في أربعينيتها بتعداد صفاتها الحسنة ، والثّناء عليها ، إنّ مشاعر الحزن الحقيقيّة ولّدت حرارة التعبير وبوحا مريرا ما بين الصّمت والصّوت ، فالشّاعر عاش ويعيش بالفعل هذا الحدث ، ومتأثّر به أكثر من كونه مراقبا لما حوله ، ينقل إحساسا لم يعشه ، ولهذا ليس كل شاعر قادر على إنتاج قصيدة حزينة ذات وزن وقافية ، كما فعل شاعرنا ، بالرّغم من أنّ تعبيره عن حزنه عادة لا يتعدّى مجرّد نثر ومداخلة .