رسالة ماجستير في كلية التربية للعلوم الانسانية تناقش التوظيف الاسلوبي للتثنية في التعبير القرآني
رسالة ماجستير في كلية التربية للعلوم الانسانية تناقش التوظيف الاسلوبي للتثنية في التعبير القرآني
ناقشت كلية التربية للعلوم الانسانية رسالة الماجستير الموسومة بـ ( التوظيف الاسلوبي للتثنية في التعبير القرآني ) .
وتهدف الدراسة التي تقدم بها الطالب ( عبد الرحمن محمود كريم ناوي ) ، الى تحقيق جانب من المنجز العلمي الذي يخدم كتاب الله عز وجل ، من خلال المنهج الاسلوبي لدراسة النص المعجز كونه وسيلة نستطيع عن طريقها النفاذ الى عمق النص القرآني ، ولما يملكه هذا المنهج من امكانيات نقدية تحليلية ، تمكن من رصد جماليات النص ، معتمدين في ذلك على تركيب النص واساليبه الفنية للتحليل النقدي .
وتوصلت الدراسة الى عدة استنتاجات كان من ابرزها إنَّ الأسلوب القرآني يحوي نظامًا عجيبًا ، وفريدًا، في بناء تراكيبه ونظم كلماته ، فهو كالعقد اذا سقطت منه خرزة تفكك العقد جميعه ، وان بوادر المنهج الأسلوبي ظهرت عند علماء العربية القدامى لاسيما عند (عبد القاهر الجرجاني) في نظرية النظم ، التي مثّلت الى حد ما الاساس الذي قام عليه المنهج الأسلوبي في الدراسات الالسنية الحديثة ، وإنَّ ظاهرة التثنية في اللغة العربية من الظواهر البارزة التي لا يمكن الاستغناء عنها، والتي نالت حظًا جيدًا في دراسات اللغويين ، وإنَّ استحداث اللغة العربية لظاهرة التثنية دون غيرها من اللغات السامية الاخرى يعود الى شدة الحاجة اليها في اللغة وهذا يرتبط ببيئة العرب الصحراوية التي تحتاج الى الصاحب في السفر ، فالعربي اقل ما يكون لديه من الرفقة في السفر اثنان ، كما ان اكثر ما يحيط ببيئة الشخص مثنى كأعضاء الجسد (العينين ، واليدين ، والرجلين )، وكذلك ما يراه من مثنيات محسوسة كالشمس والقمر، والمشرق والمغرب ، والليل والنهار، وغيرها من الامور المثناة اللافتة للنظر.
وبينت الدراسة إن توظيف التثنية في بنية التعبير القرآني وإن كانت مستحدثة في اللغة العربية التي نزل بها القرآن الكريم إلا أَنَّهُ جاء تماشيًا مع الزمن الذي نزل به النص المعجز إذ كانت التثنية سمةً بارزة في لغة العرب في ذلك الوقت ،وان الفاصلة القرآنية بصورة عامة والفاصلة المستندة إِلَى التثنية بصورة خاصة تشكل جزءًا لا يتجزأ من بناء الآية وما يترتب عليه من بناء النص جميعه لما تسهم فيه من احداث للانسجام الموسيقي والتلوين الصوتي فوجدنا التوافق التام بين الفاصلة ومعناها الذي تؤدي ، وإن ألفاظ النص المعجز مختارة بدقه متناهيه ومنها الفاظ التثنية التي تميزت بِسعِة دلالاتها وتنوعها و بأثارة خيال المتلقّي و قوة التأثير في ذهنه حتى وجدنا اللفظ الواحد ينقل صورة كاملة المعالم ، وكشف التحليل الاسلوبي للتراكيب اللغوية الخروقات الهيكلية لأسلوبي الخبر و الانشاء وما يتمتعان به من قيم اسلوبية تأثيرية تمثلت في خروج هذه الاساليب عن اغراضها الحقيقية لتؤدي معان ودلالات مجازية لا تنكشف الا بالغوص في ثنايا النص وكشف خباياه.
واوضحت الدراسة إنَّ العدول عن القواعد المعيارية في رتبتي التقديم والتأخير التي وظفت التثنية في ثناياها يكشف عن قصدية البحث لما تمثله من ابتعاد عن اللغة الرتبية التقليدية الى اللغة الابداعية سواء التقديم والتأخير في السياقات النحوية او تقديم بعض الالفاظ والتي يكون تأخيرها امرًا بديهيًا ، وأدى أسلوب الالتفات وما فيه من انتقال من وإلى المثنى معانٍ بلاغية واضحة اُمكن الكشف عنها عن طريق الدخول الى عمق النص ورصد تعدد دلالاته وهذا ما يقوي علاقه القارئ بالنص ويكشف سِعِة اطلاعه ، وظهر من خلال تمظهرات الدلالة القيمة الكبيرة للتشبيه في ثنايا النص الكريم وما يعطيه من قيمة جمالية تتمثل في ربط عناصر التشبيه المتباعدة وما ينقله من صور تساهم في تقريب المعنى المراد بصورة دقيقة.
واوصت الدراسة بضرورة ادامة التأمل في النصوص القرآنية عمومًا ، وظاهرة التثنية خصوصًا لما فيها من قيم جمالية ، تنكشف عن طريق الدراسات البلاغية والاسلوبية .
نشر : م. مترجم: زينة فيصل ياسين| بقلم: اعلام الكلية