
تدريسي من كلية التربية للعلوم الانسانية ينشر دراسة في روايات الميتافكشن بجريدة القدس العربي اللندنية
تدريسي من كلية التربية للعلوم الانسانية ينشر دراسة في روايات الميتافكشن بجريدة القدس العربي اللندنية
نشر التدريسي من قسم اللغة العربية في كلية التربية للعلوم الانسانية بجامعة ديالى الاستاذ الدكتور فاضل عبود التميمي ، دراسة في روايات الميتافكشن أو كيف يعكس البشر خبرتهم بالعالم ، بجريدة القدس العربي اللندنية في عددها الصادر في تشرين الثاني 2018 .
قدّمت هذه الدراسة عرضا موجزا لأهمّ أفكار الكتاب ، من دون أن تعتمد على التسلسل المنطقي لفصول كتابُ (الميتافكشن) المتخيّل السردي الواعي بذاته ( النظرية والتطبيق) ، للناقدة الإنكليزيّة باتريشيا وُوه ، الذي كان قد صدر للمرّة الأولى في نسخته الإنكليزيّة عام 1984، وقد ترجمه إلى العربيّة المترجم المصري السيد إمام ، عن دار نشر شهريار في البصرة العراق وضمن سلسلة روائع شهريار النقديّة .
وجاء في الدراسة ان الناقدة باتريشيا وُوه عرّفت (الميتافكشن) بقولها: إنّه الكتابة التخييليّة التي تلفت الانتباه بطريقة واعية بذاتها، وانتظاميّة لوضعيّتها بوصفها نتاجا صنعيّا يطرح الأسئلة حول العلاقة بين المتخيّل والواقع، من خلال تقديم نقد لطرائق البناء السردي، مستكشفة البنى الأساسيّة للمتخيّل والتخييل، وقد تُرجم قبل أن يظهر الكتاب إلى (ما وراء الرواية) أو (ما وراء السرد)، والناقدة ترى أنّ الروائيين في السنوات العشرين الماضية مالوا إلى وعي بقضايا التنظير الخاص في بناء المتخيّلات، في إشارة واضحة إلى اعتمادهم على (الميتافكشن) في بناء سرديّاتهم ، الأمر الذي قاد نصوصهم إلى تجسيد أبعاد الانعكاس الذاتي، وعدم التأكيد الشكلي، وقد تبين لها أنّ الناقد والروائي الأمريكي وليم إتش جاص هو مبتدع هذا المصطلح عام 1970.
وأوضحت الدراسة أن (الميتافكشن) حسب رؤية الناقدة ليس جنسا فرعيّا للرواية ، بقدر ما هو نزعة داخل الرواية تشتغل من خلال تضخيم التوترات، والتعارضات الكامنة في نصّها ضمن فعّاليّة الإطار وكسره، والتقانة، والتقانة المضادة، وبناء الوهم وتفكيكه، وهذه النزعة ترفض صورة المؤلف التقليديّة بوصفها ابتداعا متعاليا للخيال، ولكنّها في الآن نفسه تظهر الكيفيّة التي تستجلي بها مفهوم التخييل من خلال بناء الوهم وكسره، ففي روايات (الميتافكشن)-عند الناقدة- تتراوح حيل التأطير التي هي أبنية سرد ما بين قصص داخل قصص، وشخصيّات تقرأ عن حيواتها المتخيّلة، وعوالم تستهلك ذاتها، أو مواقف متناقضة، و(الميتافكشن) الذي ينتمي إلى سرديّات ما بعد الحداثة يُعنى بلغة التناقض التي تُحلّ في نهايات الروايات عادة ، فضلا عن عنايته بالتبديل، والدائرة المقصّرة، والعشوائيّة، والإفراط.
وترى الناقدة أنّ وظيفة (الميتافكشن) تكمن في السؤال: كيف يعكس البشر خبرتهم بالعالم؟ يعالج المصطلح هذا السؤال من خلال استكشاف الذاتي الشكلي، مستعينا بالاستعارة التقليديّة للعالم بوصفه كتابا، معيدا صياغة السؤال في ضوء النظريّة الفلسفيّة، وإذا كانت معرفتنا بالعالم تتمّ من خلال وسيط اللغة، فإنّ المتخيّل الأدبي (العوالم المبنيّة كليّة بوساطة اللغة) صار أنموذجا مفيدا لمعرفة الواقع نفسه.
وتتيح روايات (الميتافكشن) ملاحظة البناء النصي واللغوي للمتخيل الأدبي، فضلا عن الاستمتاع بالعالم داخل المتخيل والاشتباك معه، فهي تقدّم شخصيّات تنتمي بشكل واضح إلى فئة الفنانين، وشخصيّات روائيّة تكتب رواياتها، وتبالغ هذه الروايات حين تتمسّك بمفهوم المؤلف، بوصفه مبدع النص حين تُظهر درجات الإخبار في حضور المؤلف الذي يقتحم العالم التخييلي عابرا الفجوّة المعرفيّة، فاصلا بين التخييلي والواقعي من خلال التعليق على فعل السرد وتأثيره في البنية، فهذا الحضور يضع المؤلّف الروائيّ في تماس مع النقد عند التخوم التي تصل الرواية بحقل حيوي مجاور ذي طبيعة مختلفة تنفتح على دراسة الأساليب والبحث في جماليّاتها، من خلال تقديم جملة من الرؤى التي تحمل نقد الرواية، أو تحمل فكرة عن بنائها، وهو يشرك المتلقي في تلقيها، والتفاعل معها ضمن مسار منعزل عن نصّ الرواية، أي تقديم نصّ لاحق على نصّ سابق كي يؤكد سردها، ويقدمها في اطار فاعل جديد يشي بوعي التحديث السردي.
وخلصت الدراسة إلى أنّ (الميتافكشن) المصطلح الوافد من منطلقات مرحلة ما بعد الحداثة، وقد أضيف إلى المصطلحات الفاعلة في النقد العربي الحديث، وكان همّه ولمّا يزل الربط بين النصّ المدوّن ونصوص أخرى تحضر في النّص بوصفها صيغا (ما ورائيّة) تأتي من حقول معرفيّة، أو ثقافيّة قريبة، أو بعيدة من فضاء الرواية من دون أن يعمد (المؤلف الروائي) إلى التنويه بأهميّتها، واستراتيجية تفوّهاتها، وهذا ما وجد في روايات عربيّة ليست بالقليلة من أهمها: «لعبة النسيان» لمحمد برادة، و«اعترافات كاتم صوت» لمؤنس الرزاز، وفي السرد العراقي «سابع أيام الخلق» لعبد الخالق الركابي و«كراسة كانون» لمحمد خضير، و«ظلال على النافذة» لغائب طعمة فرمان، و«الخراب الجميل» لأحمد خلف، وغيرها من نصوص مشبعة بالدلالات التي أسهم في تشكيلها المؤلف، و(الميتافكشن) الرابض في متون النصوص المستدعية، سواء أكانت سردا، أم بطلا، أم دلالة يتمحور حولها إشكال ما.