
اطروحة دكتوراه في كلية التربية للعلوم الإنسانية تناقش بلاغة الحجاج في خطب العصر الأموي
اطروحة دكتوراه في كلية التربية للعلوم الإنسانية تناقش بلاغة الحجاج في خطب العصر الأموي
ناقشت كلية التربية للعلوم الإنسانية في جامعة ديالى اطروحة الدكتوراه الموسومة بـ ( بلاغة الحجاج في خطب العصر الأموي ) .
هدفت الدراسة التي تقدم بها الطالب عبدالله محمد عبدالله ، وأشرف عليها الاستاذ الدكتور فاضل عبود خميس ، الى دراسة قطب من أقطاب التّراث الأدبيّ حجاجيًا في واحد من أكثر العصور الإسلاميّة غزارةً وخصوبةً ، إذ ازدهرت فيها الخطابة انسجاما مع توجهات الفرق والاحزاب وقتذاك.
توصّل الدراسة إلى استنتاجات عديدة كان من أهمها أن الحجاج وإن كان من المناهج الغربيّة الوافدة إلى الوسط الّثقافيّ والأكاديميّ العربيّ ، إلا أنّ ذلك لا يعني بأنّ البلاغة العربيّة قد أهملت هذا المنهج قديمًا، وإن كان هنالك اختلافات كبيرة في المسمّيات والمصطلحات ، أو حدوث اشتباك لدى القدماء في تعريفهم للحجاج والجدل ، فضلًا عن أنّ الحجاج لا محيص له عن البلاغة، فلا بلاغة من غير حجاج ، ولا حجاج من غير بلاغة.
أوضحت الدراسة صورًا كثيرة عن حضور البعد الحجاجيّ لخطاب تلك الأحزاب، وهذا يثبت أنّ الخطيب العربيّ سيّد العارفين بأدوات الحجاج، وعلى دراية تامّة بآليّاته التي تعمل على تيقين المخاطبين ، ودفعهم نحو اعتناق أفكار الخطاب من خلال روابط اتّصاليّة، أو انفصاليّة تعمل على زيادة الحركة التّواصليّة والحواريّة بين الخطيب والمتلقّين انطلاقًا من الاحتمال والإمكان، وليس الإرغام أو الإجبار الذي تفرضه قيود البرهنة والمنطق، فبلاغة الحجاج تتيح للبشريّة حرّيّة ممارسة الاختيار بعد تحقيق التّأثير المطلوب، وصناعة الاتّفاق المشترك من خلال تلك التقانات .
بينت الدراسة إنّ بلاغة الحجاج عند العلويين كانت قائمة على لغة الدّليل القرآنيّ، والإثبات العقليّ والفكريّ في خطابهم مع الأتباع والخصوم على حدٍّ سواء، أمّا الأمويّون فقد قام خطابهم على بلاغة العنف، وقلّما خرج عن مدار الإرهاب اللغويّ، في حين ذهب الزّبيريّون في كثير من مواضع خطابهم إلى البيان عن مدى قربهم من النبيّ نسبًا بوصفه(الأنموذج الأسمى)، وهذا ما لاحظناه في خطاب زعيمهم عبدالله بن الزّبير، فكان نادرًا ما يخرج من هذه الدّائرة الحجاجيّة، أمّا الخوارج فحجّتهم كانت قائمة على التّشدّد والمبالغة في توجيه أحكام القرآن.
أوصت الدراسة بضرورة أنّ تجد البلاغة العربيّة لنفسها حيزًا مستقلًا، إذ ينبغي للباحث العربيّ تأسيس نظريّة حِجاجيّة تقوم على استقراء التّراث البلاغيّ العربيّ القديم، واستكشاف كنوزه الفكريّة ، من أجل تقديم نظريّة قادرة على تحليل الخطاب الإنسانيّ القائم على الاحتمال والإمكان بفكر نقديّ عربيّ محض .