
اطروحة دكتوراه في كلية التربية للعلوم الانسانية تناقش الأثر البلاغي لظاهرة الأتساع في أسلوب القرآن الكريم
اطروحة دكتوراه في كلية التربية للعلوم الانسانية تناقش الأثر البلاغي لظاهرة الأتساع في أسلوب القرآن الكريم
ناقشت كلية التربية للعلوم الانسانية أطروحة الدكتوراه الموسومة بـ (الأثر البلاغي لظاهرة الأتساع في أسلوب القرآن الكريم ) .
وسعت الدراسة التي تقدمت بها الطالبة هدى صيهود زرزور ، وأشرف عليها الاستاذ المساعد الدكتور باسم محمد ابراهيم ، إلى تشييد تصورٍ إجمالي لإجراءاتِ البلاغيين، واستقصاء طرائقهم في التحليل، وإنتاج قيم البلاغةِ الأصيلة، وإبراز فاعليتها في توظيفها الشاهد القرآني على مستوياتٍ متعددة، مما لا يخل بغاية الاتِّساع البلاغيِّ القرآني، وهي : اثبات القيم العُليا للأداء، وتحقيق الوضوح المطلوب ليس في مجاراةِ المعروف من الأفكار والمعاني، وإنّما بترسيخ أصالتها التي تبعثُ المُتعة والفائدة عند إدراكها، وتأديتها مطابقة الكلام لمقتضى الأحوال .
وتوصلت الدراسة الى استنتاجات عدة منها انها حددت مفهوما بلاغيا لظاهرة الاتِّساع ، وربطه بعلوم البلاغة الثلاثة ، وفقاً لرؤية شمولية تفرز الاقتران المعهود لمفاهيم الاتِّساع عن مفاهيم المجاز ، وهذا هو الجانبُ الإبداعي في اللغة ، وأكدت الدراسة أنَّ ظاهرة الاتِّساع البلاغي ، ظاهرةٌ متمكِّنةٌ من الاصطلاحية ، ذات فاعلية إجرائية لها تجلياتها الدلالية في الممارسات النصّية ، لا يُغني غناها من تلك المنظومة التي هو ركنٌ ركينٌ فيها، إذ اقترن مفهوم الاتِّساع البلاغي بالاستقرار والثبات العلمي ، إذ سعتْ الدراسة إلى توحيد المصطلح وضبط مستوياتهِ الإبداعية ، وبلورتهِ تحت مصطلح متكامل تمَّ إرساؤه من بين التعددية الشاخصة ، ووُظِّفت مداراتُ الاتِّساع البلاغيِّ في أُسلوبِ القرآن الكريم، حتى لتكاد تشمل كُلّ أشكال العدول ، والانزياح ، والخرق التي تُصيب اللغة، وتنزلهُ في إطارٍ جامعٍ لمنظومةٍ من المفاهيم والعنوانات المبتكرة التي تصالحت عليها الحقول المعرفية؛ بوصفهِ اشتراطاً لا مناصَ عنهُ، وضرورة من ضرورات الإبداع الفني .
وبينت الدراسة إنَّ ممارسات الاتِّساع ومكتسباتهِ الإجرائية في كُلِّ حقلٍ من حقول البلاغةِ العربية، تتشكل في ضوء تأصيل الجذور المعرفية، وتتنوع على وفق تنوع المنهجيات المتبعة في كُلِّ حقلٍ ، وحاولت نفي الاعتقاد الراسخ عند بعضِ العلماء بأنَّ الاتِّساع انزياحٌ مُطلق، ومجازٌ معقودٌ بتحقق شروط الانحراف عن الحقيقة، إذ إنَّ ثمّة ما يحظر تلك القناعات ويفنّدها تطبيقياً ، وقد رصدت الدراسة في مجال الاتِّساع الأُسلوبي إطارين يتنزل فيهما، أولهما : الاتِّساع الدلاليِّ الذي تتلابسُ فيه مفاهيم التوسُّع في المعنى، ودعوات روادهِ، على الصعيد التطبيقي، إذ نلمح وجود خيطٍ يربطُ الاتِّساع بمفاهيم لغوية على مستوى النظام والأداء؛ شريطة أمنِ اللبس. وثانيهما : الاتِّساع التركيبي والمعجميِّ : المؤسَس على وفق طبيعة التعالق والتحول مبنىً ومعنى، فلاحظت الدراسة الاقتراب بين الاتِّساع اللغوي والبلاغي في مواضع مشتركة، يبسطُ فيها الاتِّساع البلاغي ظلّهُ دون قيدٍ أو شرطٍ.
وأوصت الدراسة بضرورة نمذجةً معرفية لمقاربة (الاتِّساع) كما يتجلى في الخطابات (الدينية، والأدبية، والثقافية) من منظورٍ مُغاير تماماً لمفهومه اللغوي، وتنصيب المفاهيم الاتِّساعية البلاغية الخاصة بالاتِّساع الأُسلوبيِّ ، والتركيبيِّ ، والدلاليِّ ، والمعجميِّ ، والنصيِّ ، والبيانيِّ ، والقصصيِّ ، والتوليديِّ، والتأويليِّ ، والتعليليِّ ، والتجريديِّ ، والتوجيهيِّ ، وما إلى ذلك من مصطلحاتٍ تتشكَّل باجتماعها منظومةً منهجية متكاملة، نقترحها بديلاً مُعتمداً لكثير من المقاربات الكلاسيكية التي لا تزال مهيمنة، برغم جمودها وتكرارها، وقصورها الملاحظ في كثيرٍ من الأحيان عن الإحاطةِ بالتعقيدات المتصلة بمقاربة الإبداع الجمالي في الأساليب ولاسيما أُسلوب القرآن الكريم.